السر الصحي لشلال كريمل

شلالات كريمل: مياه الأعاجيب

يُعدّ التسلق لمدة 15 دقيقة من موقف السيارات تجربة مثيرة للحواس. طوال الوقت، قد تعتقد أنك تسمع هدير التنين خلف كل منعطف على طوال الطريق. لكن سرعان ما تتبيّن بأن هذا التنين لا يتنفس النار، بل الماء – إنه عبارة عن شلال مدوٍ يملأ الهواء بسحب بيضاء من الرذاذ: مليارات القطرات المجهرية التي تتلألأ في كل ألوان قوس قزح كلما لامستها أشعة الشمس.

وعندما تصل أخيراً إلى أعلى شلالات أوروبا، ستشعر بنفسك تقول: "واو ... إنه مشهد يخطف الأنفاس!" لكن الحقيقة مغايرة تماماً، فالناس يأتون للزيارة بهدف التنفس بحرية والاستمتاع بالرذاذ الذي تطلقه الشلالات. بطريقة ما، ستشعر كما لو أنك دخلت إلى غرفة علاج عملاقة، مفروشة بالغابات والصخور وكمية لا نهاية لها من المياه.

ولكن بأي طريقة يكون للمشهد الطبيعي المهيب، حيث تتدفق المياه من ارتفاع 380 متراً، تأثيرات علاجية فعلية؟

هل يمكن لرذاذ المياه أن يعزز حالتك الصيحة؟

على مدى آلاف السنين، تطور البشر في الطبيعة. وقد ترتّب على الانتقال إلى المساحات الحضرية ثمناً باهظاً: فقد أصبحت الأمراض المرتبطة بالحياة العصرية شائعة الانتشار. لكن هل هذه العوامل مرتبطة؟ وكيف تؤثر الطبيعة على صحتنا؟ وكيف يمكننا الاستفادة من هذه الخصائص العلاجية؟

هذه الأسئلة وغيرها كانت محور بحث في معهد الطب البيئي في جامعة باراسلسوس الطبية في سالزبورغ.

وهنا نعرّفك على عالم يوهانا فريدل الباحثة في مجال المساكن البشرية في الغابات والقريبة من المياه، والتأثيرات الجسدية والذهنية التي تتركها على الناس. فريدل تعمل أيضاً كجزء من الفريق الطبي في منتجع هوهي تاورن الصحي في سالزبورغ لاند، حيث تعالج المرضى الراغبين بالاستفادة من الفوائد الطبيعية لرذاذ شلالات كريمل كجزء مما يُعرف باسم "العلاج بالماء". تقول فريدل: "المصطلح الدقيق طبيًا هو "علاج الاستنشاق بالرذاذ الجوي"، وهو اسم يشكّل توصيفاً دقيقاً لآلية عمل هذه التقنية".

السر الكامن في شلالات المياه

تقول فريدل: "السبب وراء الخصائص العلاجية لشلالات كريمل عندما يتعلق الأمر بالتهاب الجهاز التنفسي التحسسي هو الرذاذ الجوي الذري القابل للاستنشاق عبر التنفس". وتضيف: "الجزيئات أصغر 200 مرة من قطرات بخاخ الربو ويمكن أن تخترق الممرات الهوائية بعمق أكبر بكثير".

فالقطرات الميكروسكوبية ذات الشحنات السالبة تبقى في الهواء لفترة أطول من الوقت، في حين أن القطرات ذات الشحنة الموجبة تكون أكبر وتتساقط على الأرض بسرعة أكبر. ولذا فإن استنشاق الجزيئات ذات الشحنة السالبة يحفّز جهاز المناعة لدينا، ويخفف أو يزيل أعراض الحساسية والربو، وينظف مجرى الهواء لدينا. وهنا تؤكد فريدل: "أثبتت دراسة سريرية الآثار المفيدة لهذه الذرات في حالات الحساسية التنفسية". 

كن السبّاق في استثنشاق رذاذ الماء

عندما تستشعر بالضباب الخفيف في الهواء يصبح أكثر كثافة، فاعلم أنه لن يستغرقك الأمر وقتاً طويلاً حتى تصل إلى الشلالات. تنبعث في الهواء رائحة الطبيعة من شجر الصنوبر إلى الطحالب الرطبة ولحاء الأشجار. وبعد لحظات سوف تسمع هديراً عظيماً وتشعر بالأبخرة المائية التي تحمل المليارات من قطرات الماء تعبق في الأجواء حاملةً إليك رذاذها الشفائي.

تنفس بعمق واشعر بالتحسن

ابق لفترة أطول وتنفس بعمق. يكون الرذاذ قرب الشلال أكثر تركزاً من أي مكان آخر، وهو المكان الذي ستشعر فيه وكأنك محاط بالأمواج.